وأوضح الصحفي عبد القادر دريدي خلال مناقشته للأطروحة التي تحمل عنوان " آليات تنظيم و أخلقة الممارسة الاعلامية السمعية البصرية" بجامعة مستغانم بداية الاسبوع الجاري، وهي الأطروحة التي منحتها لجنة المناقشة درجة مشرف جدا، أن التعريف الحالي للصحفي المحترف في القانون العضوي للإعلام 12-05 لا سيما المواد 73 و 74 على أنه "كل من يتفرغ للبحث عن الأخبار وجمعها و انتقائها ويتخذ من هذا النشاط مهنته المنتظمة ومصدرا رئيسيا لدخله"هو تعريف ناقص من الناحية المهنية و يتجاهل جانبا أساسيا من أساسيات مهنة الصحافة وهو الجانب الاخلاقي، بل إنه يربط بشكل حصري وغير مبرر بين المهنية والربحية على اعتبار أن الصحفي المحترف في نظر هذا القانون هو الذي يتخذ من الصحافة مصدر دخله الرئيسي، وهو بذلك تعريف إدراي لمهنة الصحافة ولا يمكن أن يؤسس لإعلام محترف بالمفهوم الحالي.
ومن أجل إعادة ضبط هذا التعريف، طرح الباحث رؤية أخرى للنظر إلى الصحفي المحترف يؤكد أنها أكثر دقة وواقعية، وذلك بناء على المهمة الأساسية للصحفي، على أنها عملية نقل الحقيقة مع تحري أقصى درجات الأمانة والصدق بهدف تنوير الرأي العام وخدمة المصلحة العامة، وعليه فإن الصحفي المحترف حسب هذه الدراسة يجب أن يكون هو المهني في مجال نقل المعلومة ذات الطابع الخبري مثلما هي في الواقع دون أن يكون طرفا فيها، ملتزما في ذلك بجملة من القيم التي توجه سلوكه المهني في التعامل مع الخبر كمعطى موضوعي.
ويوضح الباحث أن العمل بالتعريف الحالي للصحفي المحترف انجرت عنه اختلالات عميقة في قطاع الاعلام أبرزها تتعلق بعمل اللجنة المؤقتة للبطاقة الوطنية للصحفي المحترف، بحيث قدمت هذه اللجنة آلاف البطاقات المهنية مقابل ملف إداري بسيط دون أي اعتبار للجوانب المهنية.
كما اقترحت الدراسة، التي أشرف على إعدادها البروفيسور بنفس الجامعة ورئيس فرقة بحث على مستوى المركز الوطني للبحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية والثقافية عبد القادر مالفي، استحداث بطاقة الصحفي الممارس يتم تقديمها خلال أولى سبع سنوات من الممارسة الاعلامية على أن يتحصل الصحفي على بطاقة الصحفي المحترف في حال ثبوت احترامه التام لأخلاقيات المهنة.
كما تقدم ذات الدراسة عددا من الآليات الإجرائية والهيكلية التي من شأنها تنظيم وأخلقة قطاع الصحافة خاصة السمعية البصرية منها، أبرزها إنشاء مجلس لأخلاقيات المهنة يتكون من ممارسي المهنة بشكل اساسي، وكذا تعديل تركيبة سلطة ضبط السمعي البصري والصحافة المكتوبة، بالإضافة إلى اشراك المجتمع المدني في الدفاع عن حقوق المشاهدين.
وأثنت لجنة المناقشة، المكونة من اساتذة من جامعة الجزائر 3 والمدرسة العليا للصحافة وجامعة مستغانم للإعلام على النتائج التي تم التوصل اليها من خلال هذه الدراسة، كما ثمنوا الجهود التي تقوم بها الجامعة الجزائرية عموما من أجل المساهمة في تنظيم قطاع الاعلام وترقية الممارسة الاعلامية.
يشار إلى أن الصحفي عبد القادر دريدي هو صحفي بوكالة الأنباء الجزائرية واستاذ إعلام بجامعة الجزائر 3 وعضو خلية صحفيي دول الساحل وله العديد من المقالات العلمية المتخصصة المنشورة في مجلات وطنية ودولية حول مجال أخلاقيات الاعلام السمعي البصري.